الأحد، 14 ديسمبر 2008

1


انا واحد من هؤلاء الذين يترددون كثيراً قبل فعل اي شيىء فإذا فعلوه ندموا عليه!
إن هذا عيب خطير في شخصية المرء ،لطالما أعياني هذا الأمر ،ولطالما حاولت التخلص منه ولكن ـ كما يبدو ـ دون جدوي ....
ترددت كثيراً في قرار الإلتحاق بكلية الطب وعندما التحقت بها فعلياً ندمت كثيرا وهو الندم الذي استمر لبعض الوقت قبل أن أسلم بقضاء الله وقدره !
في بداية الأمر تكون مشاعر المرء مختلطة تتراوح بين الفخر بذلك " الإنجاز " الذي تحقق بدخول الكلية المرموقة ،و"الصدمة" مما يلاقيه المرء في الكلية بدءاً من أول يوم دراسي ؛الأمور تكون شديدة الإرتباك ..إذ تبدأ المحاضرات مباشرة وكلها باللغة الإنجليزية في ذات الوقت الذي لا ندري فيه نحن مصدراً للإستذكار حتي إذا ما توفر هذا المصدر واستقر المرء عليه وبدأ يحاول الإستذكار فإذا به لا يعرف لنفسه مبتدءاً من منتهي ولا مدخلاً من مخرج !
ودخلت في دوامات لا تنتهي :هل آخذ دروساً خصوصية أم لا ؟
وإذا أخذت دروساً في مادةٍ ما فهل أحضر محاضراتها بالكلية؟
دعك بالطبع من التساؤل القاتل :هل بإمكاني أن أنجح في الكلية؟ خاصةً أن من سبقوني من معارفي في الكلية لم يحققوا النتائج الباهرة المتوقعة منهم....
في ذلك الوقت كانت الدروس الخصوصية بكلية الطب أقرب إلي النشاط الإجرامي ؛إذ أنها كانت تُمارس في سرية تامة ،وكان كل معيد "يتورط" في نشاط كهذا يصبح عرضة لمختلف وسائل العقاب من قِبل الكلية ،لذا فقد كان كل واحد من هؤلاء حريصا علي أن يكون عدد مجموعاته محدوداً بالإضافة إلي حرصه علي أن يحفظ كل طالب من طلبته "سرية" الأمر!
بالطبع كل هذا تغير تماماً بعد ذلك إذ أصبحت الدروس الخصوصية كلأً مباحاً للجميع
وصارت مسألة منعها أقرب إلي المزاح .....
نتيجة لجو "الرعب" الذي أحاط بي فقد أخذت درساً في مادة واحدة هي علم الخلايا ـ الهستولوجيHISTOLOGY ـ وكان من يدرس لنا مدرساً مساعداً بالقسم والحق أنه كان رجلاً مرحاً وكان شرحه للمادة ممتازاً ،ولكنني برغم هذا تركته في النصف الثاني من العام الدراسي لأنني إعتقدت ـ ومازلت ـ أن الإجتهاد في الدراسة يغني عن الدروس الخصوصية....
ولكن الوقت يمر!
وباستثناء مادة علم الخلايا فإن وضعي في بقية المواد لم يكن جيداً علي الإطلاق خاصة أنه في تلك اللحظة التي شعرت فيها بأنني إجتزت حاجز اللغة ـ ولو جزئياً ـ اكتشفت أن أمامي تلال من الكتب والمذكرات ينبغي علي أن أذاكرها في زمن قياسي لا يزيد علي الشهر ونصف تقريباً وهو ما أدخلني في حالة من اليأس والإكتئاب......

ليست هناك تعليقات: